المؤتمر بالأمر والحراك بأيّ محرّك؟؟؟

16 فبراير 2016

تختصر أزمة الالتحام أو الانصهار أو الاندماج بين كلّ من «المؤتمر من أجل الجمهوريّة» وكذلك «حراك تونس الإرادة»، الضيق والحيرة التي يعيشها كامل الطيف الذي يريد أن يكون في الآن ذاته «البديل» عن «الوضع القائم» وكذلك (والأساس وهنا الرهان) «الوريث» (الشرعي) أو هو «المؤتمن» (الأوحد) على «تركة الثورة»…

هي أزمة مع «الأخرين» (بالتأكيد)، حين ثبت بالدلائل أنّ «المرزوقي ومن معه» لا يجدون «هوى» في قلوب قيادة النهضة وكذلك «قيادات النداء» (بالجملة أو التفصيل)، كما لا يحظون بتلك «المحبّة» (الكبيرة) لدى كامل «الطيف الديمقراطي» في البلاد.

 

حراك تونس الإرادة

حراك تونس الإرادة

قدّم محمّد المنصف المرزوقي ذاته منذ ما قبل 17 ديسمبر، في صورة «القارئ المنفرد» للوضع السياسي في البلاد (حينها)، معبّرا عن «القطيعة» العضوية والميكانيكيّة والوظيفيّة مع «نظام بن علي» في حين كانت النهضة (حينها) تراوح بين فتح «خطوط تواصل» (ما استطاعت) وكذلك «مغازلة النظام» (حينًا) وأيضًا «تجنّب المواجهة» (أحيانًا)…

قدّم المرزوقي ذاته رئيسا وقدّم مجمل «المنظومة السياسيّة» التي ارتكز عليها ولا يزال في صورتين أكيدتين بالنسبة له:

أوّلا: الصورة الأخلاقيّة: ركّز المرزوقي على «الأخلاق» منذ قبل «الثورة»، بل جعل من الأمر «مرتكزًا» (خطابيّا)…

ثانيًا: الصورة الثوريّة: في خضم «الانتكاسة» (الثوريّة) قدّم المرزوقي نفسه في صورة «المؤتمن» على هذا «المشروع»…

من ذلك تحوّل المرزوقي ومن معه (وفق ما يقدّمون أنسفهم) إلى «تقاطع» (الأخلاق والثورة)، وكذلك تقاطع «الخصوم» (كامل الطيف تقريبًا)، ومع ذلك (وهنا الخطر) إلى «مصدر الانشقاقات»…

 

وجب التذكير أنّ حزب «المؤتمر من أجل الجمهوريّة» شهد انشقاقات (مؤلمة)، فقد غادر محمّد عبّو ومن معه، وغادر عبد الرؤوف العيّادي ومن معه، فكانت نتائج الانتخابات (التشريعيّة) الأخيرة، الترجمان الحقيقي لحال «الجميع» الذين تحوّلوا من «الرقم الصعب» عقب انتخابات المجلس التأسيسي إلى «صفر فاصل» وفق نتائج الانتخابات الفارطة…

 

المرزوقي رجل المتناقضات، من «الأخلاق» وكذلك «الثورة»، لا يرى الثورة ولا يعتبر الأخلاق سوى من منظوره الفردي والشخصي والباطني، أي على الجميع (دون استثناء) الجلوس تحت سقفه…

هذه «السيطرة» المشفوعة بالأخلاق وبالثورة، تأتي في إطار «اسقاطي» غير قابل للنقاش، لذلك كان الرجل «صورة شعبيّة» تختلف عن «القائد السياسي»…

جاء تشكيل « حراك تونس الإرادة»، وفق قراءة مفادها التالي:

أوّلا: «المؤتمر من أجل الجمهوريّة» لا يمثل على مستوى آداه (في الماضي) «الوعاء الأفضل» أو حتّى «الوعاء الممكن» للمستقبل الذي يراه المرزوقي لنفسه…

ثانيا: جاءت نتائج الانتخابات الرئاسيّة وأساسًا «الهزيمة المشرّفة» (جدّا) أمام ماكنة رهيبة، لتجعل المرزوقي (وفق قراءته) أكبر من «المؤتمر» خاصّة وأن «أطياف» (سياسيّة) عديدة، ترى نفسها في الرجل ولا ترى لها مكانًا في «المؤتمر»….

تمخّض «الجبل» فولد «حراكًا» جاء معتمدًا على «المفاهيم» (الفضفاضة) وكذلك «الخطابات» (المبهمة)، أكثر من مشروع سياسي فاعل وخاصّة «واضح»…

 

غياب الوضوح، من باب ( قراءة) «حسن النيّة» أوّلا، وثانيا، تفاديا للنقاشات البيزنطيّة التي ظهر بعضها… وثالثًا (والأخطر) الاتكال على «كاريزما» المرزوقي وقدرته (السحريّة) على «صناعة الذهب من الرداء»، وفق ما كان يردّده المرزوقي أمام محيطه…

وقف «حصان» (حراك تونس الإرادة) أمام «عقبة» رفاق المسيرة الذين لم يسلّموا التسليم الذي أراده أو أمر به المرزوقي، حيث رفضوا «استبطان» المفاهيم الغامضة، وثانيا التسليم بقدرة (الساحر) «المرزوقي) على جعل «الجميع» على قلب رجل واحد…

 

دون أدنى مبالغة يمكن الجزم أنّنا أمام صورة شبيهة بما كان من «انشقاق (داخل) النداء»، لكن مع الفوارق التالية:

أوّلا: أزمة «الحراك» الذي صنعه المرزوقي على مقاسه، تتلخص في عدم قدرته على جمع «المتناقضات» التي رفضت (في عنف) الالتفاف حوله.

ثانيا: على عكس «معركة النداء» التي كانت من أجل «مأدبة فاخرة» أيّ الدولة والحكم وما يمثلان، تأتي معركة المرزوقي من أجل «رغيب خبز يابس» (قياسًا بالنداء).

السؤال أو هو الرهان الأكبر: هل يقدر أو يستطيع (هذا) «الحراك» (الجديد)، أن يحوّل 45 في المائة من أصوات الانتخابات الرئاسيّة إلى «عمق» أكيد، أي (بالمعنى السياسي) أن يتحوّل هذا «الحراك» إلى أحد أهمّ اللاعبين في البلاد؟؟؟

 

عوض هذا السؤال (في علم المقادير والحساب) عجز (هذا) «الحراك» على أن يحافظ على «رأسماله» (الاعتباري) أيّ «الأخلاق» وكذلك «الثورة»، حين طعن عدد كبير من «رفاق» (الدرب) في أبعاد «أخلاقيّة» خطيرة، سواء بخصوص «وجود» أشخاص في الدائرة الأولى لهذا «الكيان» (الجديد) أو أسلوب «البعض» في تسيير المشروع…

 

رفض العديدون حلّ المؤتمر، يعني أن المرزوقي وهؤلاء لا ينطقون اللغة ذاتها، أو على الأقل لا يعنون ذات المعنى بالكلمة ذاتها، بل جاءت ردود سمير بن عمر وعبد الوهاب معطر أشبه إلى اتهامات بسرقة الحزب أو هي عمليّة «سطو»…

 

خسر المرزوقي ما كان لهذا «الحراك» من رأسمال أخلاقي، سواء حين رفض العديدون ركوب «السفينة» التي صنعها بأوامره ويريدها أن تسير على هداه، بل لا يريد أن يترك السفينة (الأخرى) أيّ «المؤتمر» أن تحتفظ بحفنة شعير واحدة!!!

من الأكيد أنّ حسابات الحقل لم تأت موافقة لحساب البيدر لدى المرزوقي ومن معه، فقد نزل من صورة «الحزب المؤتمن على الأخلاق والثورة»، إلى «حمّام السياسة» (التونسيّة)، ومن ثمّة يأتي السؤال، أيّ «دكّة» لهذا الحزب داخل نادي العراة هذا؟؟؟


2 تعليقات

  1. تحليل لم يتناول جزئيات مهمة في ما يحصل اولها الحرب الغير المعلنة على منصر من طرف كثير من ابناء المؤتمر على خلفية انه هو من اقصاهم من القصر ومن الحزب وهم من المؤسسين ثم ادخال ناس حسب الولاء والقرب وهذا يخص الكحلاوي ايضا وما نستطيع قوله ان من امن بالدكتور واقترب من الحراك فهم الان انه في كثير من الاوقات يترك للمقربين اخذ القرارات ومنها حل المؤتمر وهو القشة التي قسمت ظهر البعير وهي حسب رايي خطوة غالطة ثم اعود للحراك هناك حوله حقيقة ان هناك رصيد بشري مهم مستعد للدخول فيه كما وضعه الدكتور اول مرة اي انه يتكون من مجموعة احزاب وشخصيات سياسية وذراع ثقافي وتنضوي تحته ايضا جمعيات و شخصيات ثقافية … وكان المطلوب هو هيئة وقتية تحت قيادة المرزوقي والتحضير لمؤتمر وحين يرى باقي المعارضة ان الاقبال كبير والهدف واحد سينضون تحت رايته واقصد المؤتمر والتيار ووفاء والبناء وغيرهم ولكن كعادة التونسي نترك كل الابواب المفتوحة وندخل من نافذة صغيرة الف خسارة لشعبنا من سياسيين هواة.

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي