بعد الفلوجة وسرت: دور الإخوان والنهضة…

13 يونيو 2016

الأكيد وما يقبل الجدل أنّ الولايات المتحدة، بصدد إغلاق الملفّ السوري دون أن تكون حقّقت جميع أهدافها، أو استطاعت أن تحوّل إلى واقع كلّ الخطط التي وضعتها. استطاعت واشنطن أن تنجز جزءا غير هيّن، بل هامّ واستراتيجي من هذه الخطط، لكن العجز أو الكلفة المتزايدة للشوط الأخير، جعلها تتراجع، بل تدخل في مفاوضات مع موسكو، ليس فقط لإعلان التراجع، بل ـ وهنا لبّ المسألة ـ إخراج هذا «التراجع» في شكل «انتصار مشترك» بين الطرفين، على «قوى الظلام» أيّ (ما يسمّى) داعش»…

في خضم هذا التراجع التكتيكي (في الظاهر) والاستراتيجي (في عمقه)، غبيّ وساذج ومتخلّف ذهنيّا، من يحسب أن القيادة الأمريكيّة، ستجتمع بما كان لها من «حلفاء» أو هم «شركاء في الهدف» (بخصوص الملفّ السوري) وتشكرهم أو هي (من باب الأمانة) ستتحمّل نصيبها من هذه «الخسارة»…

 

العقل الأمريكي، الذي يرى حدوده حيث مصالحه، اعتاد أن يحوّل هزائمه (الفعليّة) إلى «انتصارات» (ظاهرة)، لذلك، سيدفع «حلفاء» واشنطن أو هم «الشركاء» أو حتّى من «تقاسم» معها «الهدف»، «جردة الحساب» بكاملها التي على الولايات المتّحدة (افتراضًا) دفعها…

من الأكيد وما لا يقبل الجدل، أنّ «الإخوان» وقفوا إلى جانب الولايات المتحدة في حربها ضدّ «نظام الأسد»، أو هم قبلوا أن تكون «معهم»، إن لم نقل أنّهم أرادوا أن يستغلوا وجودها، بل وزنها وقيمها، من باب (أقصى الفتاوى) «ضرب الظالمين بالظالمين»…

 

من الأكيد ولا يقبل الجدل، أنّ «الإخوان» أصبحوا (على مستوى التسمية)، أشبه بما هي «ماركة تجاريّة» تتخفّى تحتها عشرات «الماركات» (القطرية) المتناغمة فقهيا أحيانًا، والمتنافسة والمتناحرة أحيانًا أخرى، ومن ثمّة يمكن (بل يجب) الحديث عن «دور في سورية» وما هي «قواسم التقاطع» (على أرض الواقع) بين هذه «التنظيمات»، وليس ما هو «اختلاف فقهي» أو حتّى «تأويل أيديولوجي»….

قوس قزح (هذا) من التنظيمات ذات «المرجعيّة الاسلاميّة» سريعًا ما ذاب في خضم الحرب، بل تداخل مع «المرفوض» (ظاهرا) من قبل الأمريكان، أيّ «القاعدة» (أوّل الأمر)، ومن بعدها (ما يسمّى) «داعش»…

 

على المستوى «الفقهي/العقدي» يمكن الجزم بوجود تناقضات داخل صفوف «قوس قزح» (هذا)، لكن (وهنا «الخبث» الأمريكي) تمّحي هذه الفوارق على الأرض، لنجد صيحات «نصرة الشامّ» (بالمفهوم اللغوي) التي أطلقتها «زعامات اخوانيّة» تتحوّل إلى «مقاتلين» ضمن صفوف «النصرة» (الوجه السوري لتنظيم «القاعدة») أوّلا، ومن بعدها (ما يسمّى) «داعش»…

 

حرب الولايات المتحدة ضدّ (ما يسمّى) «داعش» يأتي صوتها «مرتفعًا» بقدر الرغبة في التغطية على «أخطاء القراءة» (من قبل واشنطن) وكذلك «غباء التنفيذ» (من قبل مخابراتها ومخابرات حلفائها الأتراك والأردنيين والخليجيين)، ومن ثمّة، كما عهدنا «السيف الأمريكي» لا يحسن أو هو لا يريد الدخول في «التفاصيل» يريد الذهاب في هذه المهمّة إلى حدّها الأقصى، أيّ «القصاص» من كامل «طيف الإسلام السياسي» الذي وقف (بحكم طبيعة الصراع) إلى جانب (ما يسمّى) «داعش»…

 

الحبيب اللوز

الحبيب اللوز

إحقاقًا للحقّ، ورجوعًا إلى الكتابات المتوفرة لزعيم النهضة راشد الغنوشي، يمكن الجزم بل هو اليقين، أن فكرة فصل «الدعوي» عن «السياسي» سابقة بسنوات لما جدّ في سورية، لكنّ ذهاب النهضة أشواطا في «محاربة» نظام الأسد والعمل أو هي المناداة أو المشاركة في اسقاطه من الأمور الثابتة وما لا يقبل الجدل، كذلك، جاءت دعوات قيادات عديدة (أمثال الحبيب اللوز) تدعو إلى «الجهاد في سورية»، أو هي تمنّت ذلك، ما يجعل النهضة في تقاطع أو هو تناقض (يفهمه الأمريكان تقاسم أدوار) بين ما هي الدعوة لركوب «قطار الأحزاب المدنيّة» مقابل «عمقها السلفي» الذي لا يرفض «الجهاد» بل ينادي به ويباهي…

 

لا تعني المسألة، أبعاد «أخلاقيّة» بمعنى تبيان «الحقيقة» ممّا هو «لُبْسٌ» في المبنى وكذلك «غموض» في المعنى، بل ما هو أعمق:

أوّلا: رغبة الولايات المتحدة، في التمتّع وحدها، دون «شركاء/حلفاء» الماضي، بما هو انقلاب في الموقف، حين لا تغلق واشنطن أبدًا «باب الرجعة»، علمًا وأنّ أنظمة عربيّة (في قمّة الحميّة وسخون الأجواء) قطعت علاقاتها مع نظام دمشق وأطردته من الجامعة العربيّة (بما فيها تونس زمن المرزوقي)، في حين لا تزال (رسميا) العلاقات الدبلوماسيّة قائمة إلى الآن بين دمشق وواشنطن.

ثانيا: كانت الولايات المتحدة (من) أفضل من يمارس الابتزاز واستغلال الماكينة الاعلاميّة التي ركابها، من أجل ممارسة ليس «الابتزاز» بل هو «الإذلال» في أبهى مظاهره، لا فرق في ذلك بين «حليف» (قديم) أو هو «عدوّ» (سابق)، وبالتالي، تأتي هذه «الماكينة» براغماتيّة في أقصى مظاهرها، أي تثمين «الانتصارات» وكذلك استغلال «الانكسارات»…

 

كامل طيف «الإخوان» حين نستثني حركة «حماس» الفلسطينيّة، لا رغبة ولا قدرة ولا مصلحة (وفق القراءات القائمة داخلها) للدخول في «مواجهة» مع الولايات المتحدة، وكذلك لا رغبة لها ولا قدرة ولا مصلحة للرجوع إلى «المربّعات الأولى» السابقة لوصول بعضها إلى «سدّة الحكم»، ومن ثمّة، تجد هذه الحركات ذاتها، في طريق «الطاعة» (الكاملة) وكذلك «الامتثال» (دون شروط)…

حركة النهضة التونسيّة، دخلت هذه «الخيمة» منذ أمد طويل، بل يمكن الجزم (دون أدنى نقاش) أنّها ليست «التلميذ النجيب» فقط، بل «النابغة» القادر على «استباق» الطلبات…

من ذلك يأتي الدخول في «حكومة وحدة وطنيّة» تكون «الذراع» الأمني، لتنفيذ قرارات البنك الدولي…


163 تعليقات

  1. عبد الستار فرح

    سي نصر الدين اتساؤل دوما اهل انك تكتب للشعب ام لنفسك
    اما ما ذكرت في تحليلك قد لا يبدوا غريبا اذا ما راجعنا تاريخ و عدنا الي ما قبل 73 فالمشهد يتكرر تقريبا بنفس العناوين التي دفعت بمصر الي ما الت اليه اليوم تونس ليس لديها الشجاعة بان تقف ضد مشروع البلورة الجديد و النهضة حسب اعتقادي هي تقدم نفسها منذ 80 القرن الماضي انها افضل ما يعمل عليه للعب دور الكنبارس للحفاض علي مصالح الاماريكية في المنطقة النهضة لن تحكم في تونس بمردها لانها لم تكتسب بعد الدعم الوجستي من الشرق الاوسط بل لنقل من المملكة السعودية تركيا جديدة غير مرغوب بها في شمال افريقيا بل يريدون مصر جديدة في شمال افريقيا

  2. يجب ان يدرك اليوم مصطلحا جديدا يطبخ :الواقع الاستباقي”ان صح التعبير ؛ الغرب يستشعر قدرة القو ى الراديكالية المتطرفة تحت اجندات دبنية مذهبية او مدنية لذلك سارعت الو.م لعملية الاحتواء بتفجير الثورات ثم باستقطاب احزاب وسيطة على غرار النهضة التي وان كانت فاهمة اللعبة زعيمها متمترس بحنكة سياسبة سيدلي بدلوه قريبا في رسم ملامح الغد لتونس المريضة حاليا .يقين الجزم اننا على حافة الافلاس من جميع النواحي والخطوة القادمة اشد وطاة على البلاد.

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي