جائزة نوبل للسلام تثقب قفة الزوالي!!!

1 نوفمبر 2015

لا يحتاج المواطن التونسي أو وزائر البلاد التونسيّة إلى أيّ دراسة ميدانيّة أو بحث أكاديمي، ليتيقن أنّ الأمور الغالبة على النقاش، على وسائل الاعلام والقنوات التلفزيونيّة والمحطات الاذاعيّة، تأتي ذات علاقة مباشرة، بل لصيقة بالشأن السياسي أو هو الشأن الحزبي أو ربّما (من باب التدقيق) الحروب داخل الأحزاب وصراع الأجنحة ومعارك الشخصيات بينها.

كذلك تأتي المسائل المرتبطة بما يمكن أن نسمّيه «الاستقرار» في المرتبة الثانية، أساسه الارهاب بصفة خاصّة، أو علاقة «الاسلام السياسي» عامّة بشأن البلاد والأوضاع فيها (كمثل عزل الأئمة ومحاكمة بعضهم)….

الملفت والغريب، بل ما يصدم، أن ينحدر الشأن الاقتصادي وما يتبع من همّ اجتماعي، إلى مرتبة سفلى، وأن يصير الحديث عن الاقتصاد والوضع الاجتماعي من النقاط المتفرعة (بالصدفة أو عرضًا) عن النقطة الأولى أو الثانية (أي صراع الأحزاب والاستقرار).

الأغرب من هذه «الخارطة الاعلاميّة»، لأنّ هنا فعلا «خارطة طريق» يسير على هديها «الاعلام في تونس» أن يصير المواطن ذاته، يطرح الأسئلة على شاكلة وسائل الاعلام، لتغيب هموم الاقتصاد وانشغالات الهمّ الاجتماعي، التي شكّلت (دون أدنى حاجة للنقاش) أو هي احتلت نصيب الأسد ضمن الأسباب التي دفعت بالجموع الغاضبة في سيدي بوزيد إلى كسر عصا الطاعة يوم 17 ديسمبر وتبعتها مناطق أخرى في البلاد بالتدرّج.

وداد بوشماوي - حسين العباسي

وداد بوشماوي – حسين العباسي

«قفّة الزوّالي» لم تعد تمثّل الشأن السياسي الأوّل، وحتّى الحديث عن «صعوبات الوضع الاقتصادي» والتلويح بجملة «ما لا يحمد عقباه»، فإنّها تخصّ الوضع العام أوّلا، ولا تطرح المسألة الاقتصاديّة ثانيا، وثالثًا (والأخطر) لا تطرح حلولا ملموسة لمسائل عالقة في حلق المواطن كالعلقم.

 

نحسّ بل يتأكد أنّ الدولة (الراعي والضامن في الآن ذاته للحقوق بما فيها الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة) صارت أقرب إلى ذلك «العاطل عن العمل» (أي العاطل عن التفكير)، الذي يحتاج كلّ يوم إلى «تدبير الرأس» ليوفّر الحدّ الأدنى من متطلبات العيش (في حدّها الأدنى) لعائلة تتزايد طلباتها.

خبر أو نكتة «رهن ملعب رادس» وما نتج عنها من امتعاض شديد، تبيّن أمرًا شديد الخطورة، أنّ «الشأن الاقتصادي والمصاعب الاجتماعيّة» قد تكون غائب عن «الوعي الظاهر والفاعل» للمواطن العادي لانشغاله بما يقدمه الاعلام، من «مشاغل» أخرى، إلاّ أنّ «الوعي الباطن» (وهنا المصيبة) لا يزال يغلي، بل يحترق.

المواطن التونسي أو الذي يعيش فوق تراب تونس، يحسن ويدراك «النتائج» بالحدس عندما تتراوح قدرة التحليل وطاقة الاستيعاب من فرد إلى آخر، ليكون السؤال (الحارق) عن خواتم الأمور (كما كان يوم 17 ديسمبر)، وقت لا حاجة (سواء للمؤرخين وعلماء الاجتماع) لقراءة تفاصيل الأحداث ودقائق المجريات.

عندما يرى هذا المواطن الجالس أمام شاشة التلفزيون أو المستمع للمحطات الاذاعيّة أنّ «الرباعي الراعي للحوار الوطني» فاز أو بالأحرى (من باب الدقّة اللغويّة) تحصّل على «جائزة نوبل للسلام»، تهزّه فرحة قطعا، ككلّ فرد في أيّ بلد في أي زمان، يحصل (أو تحصل مجموعة البشر التي يعيش ضمنها) على «فائدة» (مهما كانت).

لكنّ السؤال الذي يؤرق العقل (الباطن) لهذا المواطن يخصّ «البنك» الذي يقبل بتصريف هذا «الشيك» (أي الجائزة) إلى فائدة ملموسة ونفع محسوس.

إلى حدّ الساعة لا تزال الجائزة مجرّد «كلام بكلام» (كحكاية الخليفة العربي مع المادح الكاذب)، ولم تستطيع أو عجزت المنظومة التونسيّة برمتها عن تفعيل هذا «الرأسمال الرمزي» إلى فائدة ملموسة ونفع محسوس، حين لا يزال البعض (أو هو الكثير) يعتبر أنّ «أي جائزة أو تقدير» من الخارج يتحوّل (من تلقاء ذاته) إلى فائدة ملموسة ونفع محسوس.

هنا يقع المرض وموطن العلّة، التي تحتاج إلى أمهر الأطباء في العالم.

إضافة إلى «العجز» (المرضي فعلا) أو هي «الإعاقة الذهنيّة»، فعل «الرباعي الراعي للحوار الوطني» كلّ ما في وسعه لإفساد القليل المتبقّي من هذا «الرأسمال الرمزي». حسين العبّاسي ووداد بوشماوي في خصومة مفتوحة ومعلنة وصريحة، وباقي الرباعي مقامه كمثل ذلك الراكب على حمار (فعلا وليس تشبه) خلف «دون كيشوت»…

 

يذكر التاريخ أنّ أحد الغزاة الاسبان، المسمّى «كورتاز» قابل أحد زعماء القبائل في أمريكا الجنوبيّة وكان مع هذا المحتل راهنًا، مدّ الزعيم بنسخة عن الانجيل قائلا :«هذا كلام الربّ»، فقرّب الزعيم الكتاب من أذنه كمن يبحث عن السماع، وأطرق برهة وقال (جملته الشهيرة) بعد أن رمى الانجيل أرضًا :«إننّي لا أسمع شيئا، إنّه لا يتكلّم». غضب الاسبان شديد الغضب من «هذه الإهانة» وكانت المذبحة التي أبادوا خلالها شعبًا بأكمله، عجز عن السماع.

كذلك هي تونس، يرفض ساكن العاصمة أو الماكث في أقصى أقاصي البلاد، أيّ صوت لهذه «الجائزة» (أو غيرها من «علامات التقدير») لا تجد طريقا إلى أسماعهم.

 


24 تعليقات

  1. رضا المغيربي

    سيدي الكريم السبب في ما ذكرت وأوافقك الرأي يف جله أن هذا الرباعي أو بعبارة أدق الثنائي هو أيضا لا ينطلق من دراسات لا أكاديمية ولا اجتماعية بل من نهم ذاتي سواء كانت هذه الذات الفرد والشخص أو المنظمتين التين يترأسانهما دون اعتبار لتطلعات الشعب الذي يتكلمان باسمه فضلا عن همومه و كل إناء بما فيه يرشح

  1. تعقيبات: mammut outlet store

  2. تعقيبات: louis vuitton bags outlet

  3. تعقيبات: cheap Henri Lloyd online

  4. تعقيبات: emu boots grey

  5. تعقيبات: pierre hardy tote

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي