حوار المرزوقي «المرفوض»: من مزايا «الأخلاق» إلى «موازين» السياسة…

15 سبتمبر 2016

في غياب أيّ «عمق» داخل «ماكينة» الدولة، وكذلك أيّ «حظوة» لدى المال والأعمال، دون أن ننسى «القبول» لدى وسائل الإعلام، لم يبق للرئيس السابق محمّد المنصف المرزوقي سوى «التشبّث» بما هي «مرجعيّة أخلاقية/سياسيّة» مناقضة بل منافية حدّ الوجود لما هي مرجعيّة الثلاثي المذكور، وكذلك (وهذا الأهمّ)، همّه الأوحد تحيّن الفرص، للمرور بين «تناقضات» المشهد الغالب على الحياة السياسيّة في تونس، سواء من باب رغبتها في «تطعيم» المذاق أو (وهنا الخطر) اللعب على «التناقضات»….

هي تونس وما تعيش من حال انفصام خطير، بين أخلاقيات السياسة (الطوباويّة)، الماسكة لمرجعيّة جزء هيّن من الشارع «الفايسبوكي»، في تناقض بل (هي) «القطيعة» مع واقع السياسة الغالبة أو هي الصانعة للمشهد الجاري، يمكن الجزم أننا نشهد «حالة مرضيّة» بينّة بين تناقض المشهد مقابل خيبة التوصيف…

 

كلّ فريق يعيش العلاقة بين تصوّره لهذه «الأخلاق» (الطوباويّة) في مقابل «القناعة» (الذاتيّة)، على وقع «المشهد» القائم، على طريقته. المنصف المرزوقي ومن معه يعيشون «أزمة» بين «بهاء» (الطوباويّة) القادرة على زرع «الحلم» (أو الحاجة إليه) في مقابل «الحاجة» لجملة من «المحامل» (الضروريّة) وأوّلها (هذا) «الإعلام» (المضاد للثورة)… في حين تأتي هذه «الثورة المضادّة» ذات قدرة «عجيبة/فريدة» على صناعة المفاهيم (من جديد) والتأسيس لقيم «بديلة»، وإن كانت متناقضة مع المفاهيم والقيم التي قادت إلى «أحداث» 17 ديسمبر وما تلا من انقلابات في المشهد (السياسي) التونسي..

 

لذلك شكّل حوار المرزوقي مع «قناة التاسعة» أشبه بطبق يمتزج فيه «عسل» (الأخلاق) بما هو «بصل» (الحاجة). أيّ تنازع «الصفاء» (الثوري) مع «الحاجة» (الوجوديّة)…

441في المقابل، تأسّست «قناة التاسعة» ضمن أفق أو هي بوتقة معادية أو هي منافية وجوديّا للأفق أو هي البوتقة التي أنتجت المرزوقي، ومن ثمّة يمكن الجزم أنّنا أمام مشروع يناقض مشروعا، وبالتالي لا يمكن أن ينخرط «طلب إجراء الحوار» ضمن أيّ «منظور صحفي» (مهما كان)، سواء تعلّق الأمر بما هي «خدمة الشأن العامّ»، أو حتّى ما هو (نظريّا) «التوازن» الضامن لما هي (نظريّا) «الديمقراطيّة» في تونس…

 

في لحظة أشبه بما هو «البرزخ» تلاقت من خلاله حاجة «قناة التاسعة» (ومن يقف وراءها) لما يمكن أن يشكّل «سلاحًا» ينفع في «وخز» الباجي (ومن معه)، مع حاجة الرئيس السابق محمّد المنصف المرزوقي لاحتلال «بقعة» (مهما كانت هيّنة) من إعلام نسيه أو هو يتناساه، إن لم نقل يكنّ له عداوة مقيتة وكرهًا دون حدود…

 

معركة «حلف التاسعة» في مقابل «حلف قرطاج» معركة ذات أبعاد تاريخيّة، تعود إلى «دولة الاستقلال» وما أسّس بورقيبة ومن بعده بن علي، من «قانون» أسقطته (ما يسمّى) «الثورة» وها هو الباجي يريد أن يجعله يُبعث من جديد…

حين نجرّد المعادلة من أبعادها «الأخلاقيّة» ونقف بها عند «القراءة الباردة»، يمكن الجزم أنّ ما فعله الباجي وما يفعله، لا يعدو أن يكون سوى «سيرًا» على خطى كلّ من بورقيبة ومن بعده بن علي، من استقواء بالعشيرة والقبيلة والجهة (ضمن المعاني التونسيّة) ومن ثمّة تأمين «الحكم» لما هي «الأجيال القادمة» التي ستحكم بعد «الرحيل» عن كرسيّ قرطاج….

 

على عكس بورقيبة الذي أزاح بن يوسف ووجد الطريق معبّدا، وبن علي الذي سيطر بيد من حديد على المشهد، يجد الباجي (ومن معه) صعوبة كبرى في «إزاحة» أهل «الحكم» عن ملك تونس.

 

هي معركة لا يرتقي فيها المرزوقي وأمثاله إلى أكثر من «وقود حرب» عند الحاجة، سواء بين يدي هذا الطرف أو ذاك، ليكون السؤال ليس فقط عن «هويّة الرابح» ومن سيخرج منتصرًا، بل (وهنا الخطورة) كيف بدأت الطبقة السياسيّة تتوزّع (أشبه ببطولة كرة القدم) بين مجموعة أولى تلعب من أجل «الألقاب» سوى «بطولة قرطاج» أو هو «كأس القصبة» في مقابل «بقيّة الفرق» (التي منها المرزوقي)، التي لا همّ لها سوى تفادي السقوط إلى «الأقسام» (السياسيّة) السفلى…

من حقّ المرزوقي استغلال «الفرصة» سواء مارس «فريق الباجي» ما قيل أنّه «ابتزاز» أو «ضغوط» أو حتّى «تهديدات»، أو هي «اختراعات» في أذهان من يريدون رفع الأسهم، والسعي لاحتلال صدارة المشهد الإعلامي، لكنّ هذا «الإشعاع» (نظرًا لطبيعة الوضعين السياسي والإعلامي في تونس) قصير المدى، بل هو أشبه بسيارة تريد أن تقطع مسافات طويلة جدّا في بلد لا بنزين فيه.

 

مهما تكن طبيعة هذه «الحوارات» لا يمكن أن يرتقي المرزوقي وأمثاله أرقى من درجة «الانتظار» أو هو «الترقب» (بالمعنى الذي يراه «كافكا» في روايته) أيّ أن تجود عليه «قناة» أو أيّ وسيلة إعلامية أخرى بمنبر يتحدّث من خلاله، علمًا (والأمر في معنى اليقين) لا قناة (تلفزيونيّة) واحدة ولا محطة (إذاعيّة) واحدة ولا صحيفة (مكتوبة) واحدة، ولا موقع (الالكتروني) واحد، بما في ذلك الإعلام العمومي، يضع نفسه ضمن الحدّ الأدنى من المهنيّة الضامنة للحدّ الأدنى من الموضوعة (ومن ثمّة التوازن) بين مكوّنات المشهد السياسي…

 

لذلك تأتي «بكائيات» فريق المرزوقي و«المناحات» المتواصلة على صفحات التواصل الاجتماعي أشبه بما هي بكائيات «النظام الرسمي العربي» ومناحات «سلطة أوسلو» أمام العجرفة الصهيونيّة، وما هي تلك «الاسطوانة المشروخة» عن «المجتمع الدولي»…

حادثة «الحوار» يمكن الجزم أنّها عرّت المشهد السياسي وكشفت لمن لم يكن يرى أو يصدّق فحش المشهد الإعلامي في تونس، وما هو «الاصطفاف» الإيديولوجي أو هي صفاقة الارتزاق حين لا ضابط للإيقاع الإعلامي سوى المصلحة السياسيّة أو المنفعة الماديّة…

 

في حين يبقى البكاء على أطلال الإعلام من قبل أنصار المرزوقي أشبه بما هي «مرثيات الأندلس» التي (لمن لم يعلم) ضاعت دون رجعة…


177 تعليقات

  1. الفهري الرفاعي

    حوار وبوار
    في سطور
    – المشهد السياسي في تونس الكل يبتز الكل
    – جل الاوراق بما هي احزاب احرقت
    -قيمة الحوار ليست بما هو الحراك بل قيمة الحوار بما رئيس جمهورية سابق مثل خصما شرسا في مناسبة تاريخية لتونس
    -قيمة الابتزاز من قيمة الحوار تصوروا المشهد لو يعاد المرزوقي كمادة اعلامية سياسية حتما سيكون الثورة زالثورة المضادة بقطع النظر عن النوايا –
    -الخلاصة نحن دمى ناطقة بما برمج لها اعلام الخزي ومنا دمى صامتة كما صنعها برقيبة ومنا دمى مستاسدة بما ليس فيها وبين هذه الأصناف الثلاثة غيبت الدمى الحرة وما انقرضت ولكل فعل يا عمر اجبني اذا قرات هذا اكيد. وزمكاننا لم يتزمكن بعد

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي