خطاب الباجي: كثرة قطاطس (النداء) وقلّة عرايس (الحوار)!!!!

30 نوفمبر 2015

أراد الباجي القائد السبسي من خلال خطابه لليلة 29 نوفمبر 2015 أن يكون الراعي والوصيّ وكما قال «المحكّم»، الذي يجلس على عرش «الحكمة»، يوزّعها على الجميع. بدأ أو أراد الظهور في صورة من يملك «الحكمة» وكذلك «السلطة» وأساسًا «الشرعيّة» (بمفرده).

أمام هذه «السطوة» (المعلنة)، لا مكان لتوزيع «السلط» (وفق الدستور): غاب «التكنوقراط» الحبيب الصيد (رئيس الوزراء) «المتلعثم» والعاجز عن الظهور في صورة الرجل القويّ، واختفى محمّد الناصر (رئيس مجلس نوّاب الشعب) العاجز هو الآخر عن صناعة صورة «الزعيم»، وكذلك (وهو الأخطر) يأتي طرفًا معنيّا بحرب «البسوس» الدائرة ضمن النداء…

جاء الخطاب أقرب إلى «الموعظة» أو هي «القرارات التأديبيّة» (الصارمة) أو «التأنيبيّة الشديدة»، حين وضع «الجميع» (جميع من ذكر) في خانة «المذنب» (أوّلا)، وفي مرتبة «من لا يعمل لمصلحة البلاد» (ثانيا)، وأيضا «من عليه السمع والطاعة» (ثالثًا).

لم يكن من غاية (أولى) لهذا الخطاب (الذي استذكر خلاله الباجي الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة) سوى تبليغ العمق الشعبي وكذلك «من يهمّهم الأمر»، بدءا بجماعة «الحوار الوطني» (أساسًا اتحاد الشغل واتحاد الأعراف) وكذلك «الندائيين» (شقّ محسن مرزوق أساسًا) أنّه «الزعيم» أو «لا يزال الزعيم سواه»…

ترقّب الشعب وكذلك أيّ مراقب للشأن التونسي أن يكون الإرهاب «جوهر هذه الكلمة» (إلى الشعب التونسي)، فكان المرور على هذا الموضوع الهامّ والأكيد «مرّ الكرام» (أوّلا)، ثانيا (وهنا الخطورة بل الفخّ والمصيدة)، جعل من نجاح اتحاد الشغل واتحاد الأعراف في الخروج بحلّ للحوار الاجتماعي، وكذلك خروج الندائيين بحلّ، في صورة الركيزة الأساسيّة سواء من باب «حماية صورة تونس» أو (وهنا الأهميّة) «انجاح المسار الديمقراطي»، ومن ثمّة «مقاومة الارهاب»!!!

لغة التأنيب غلبت الكلمة بكاملها، وجاءت أقرب إلى التقريع وشدّ الأذن على طريقة بورقيبة في دسّ اللوم الشديد ضمن النصيحة الظاهرة، كمثل قوله (أي الباجي) بعدم جواز الذهاب إلى حفل تسليم جائزة نوبل للسلام دون استكمال «الحوار في الداخل» بعد استكمال «الحوار الوطني» الذي قال عنه الباجي (من باب الاستدراك على طريقة بورقيبة) أنّه (أيّ الحوار) من «انجاز الشعب التونسي بكامله»…

من خطاب رئيس الجمهورية

من خطاب رئيس الجمهورية

بدا الباجي أو قدّم نفسه في صورة من يجلس على عرش قرطاج وينظر إلى تونس (البلاد والنخب السياسيّة والشعب) من موقعه الذي لا يجعله (وهنا خطورة الكلمة) يبدو في صورة «الطرف في أيّ معركة كانت»، بل هو «الراعي» وتونس (بأكملها) «رعيّة»…

من الغريب أو من المدهش، أن يكون موضوع «نداء تونس» «جوهر الموضوع» بعد أن جاء «الحوار الاجتماعي» (رغم بعده الأشمل والأخطر) مجرّد «مقدّمة» (لا غير).

الباجي قائد السبسي من علياء عرش قرطاج، وهو الرئيس (الشرفي أو غير الفاعل) لحركته (السابقة) يخصّص الجزء الأكبر من الخطاب أو الكلمة لموضوع «حزبي» (بحت)، لا يصلح (وفق المنطق الطبيعي) أن يحضر أصلا في خطاب رئيس الدولة، وأساسًا في فترة ركود اقتصادي وغليان اجتماعي وتوتر أمني…

أعلنها الرجل (أي الباجي قائد السبسي) وقالها صراحة سواء من باب «التبرير» (لهذا الادماج) أو من باب «التبليغ» (لمن يهمّه الأمر) أنّ «المعركة داخل النداء» تقدّم «صورة سيئة عن الوضع في البلاد»، ومن ثمّة يكون «اصلاح ذات البين» (داخل هذه الحركة) من باب «خدمة الوطن» وليس «خدمة الحزب»!!!!

ألم يقلها في عربيّة قحّة وفرنسيّة بليغة: «الوطن قبل الحزب» La patrie avant le parti؟؟؟

كان يمكن للباجي قائد السبسي (الداهية على مستوى قراءة الواقع ورسم الخطط) أن يكتفي بما شاء من «شدّ الأذن» للندائيين وما يلزم من «الموعظة» (الحسنة)، بل تجاوز عن قصد وإرادة وتعمّد ذلك إلى وضع «خطّة انقاذ»، مصرّا على أنّه اختار «الهيئة» (دون علم أصحابها) ممّا يعني (ضمن منطق بورقيبة دائمًا) أنّهم «أدوات تنفيذ» (لا غير) وفق ما وضع من خطّة تأتي أقرب إلى «الانذار» وكذلك «الاملاء»، ممّا يضع «شقّ محسن مرزوق» أمام «الخضوع» ومن ثمّة «العود إلى بيت الطاعة» أو «اعلان الانشقاق» جهرًا وعلانيّة… بدا الباجي أقرب (جهرًا وعلانيّة) إلى «شقّ (ابنه) حافظ»، بل يمكن القول أو هو الجزم أنّ الابّ (الداهية) فعل في «ضربة معلّم» ما عجز عنه الابن خلال أشهر عديدة.

سواء جاء خطاب الباجي تكذيبا لما يروّجه شقّ محسن مرزوق (أساسًا الأزهر العكرمي) أنّ الرجل «انتهى» وأنّ أيّامه «معدودة»، بل هو (والقول لذات المصدر) عاجز عن «التفكير والعمل»، فإنّ الرجل قد أثبت أنّه لا يزال من يمسكن «الدْمان» (أي مقود السفينة بالتعبير الشعبي الذي استعمله الباجي)، بل هدّد (في استعارة لجملة الحبيب بورقيبة) أنّ من يرفض «التحكيم» (أي تحكيمه» سيجرفه «الكورينتي» (لفظ ايطالي يستعمله البحّارة للتدليل على التيّار الجارف والخطير)…

يعيد الباجي من خلال هذا الخطاب التذكير (في غمز في اتجاه حركة النهضة أساسًا) أنّ حزب «نداء تونس» لم ينشأ للوقوف في وجه أي «حزب» (من اليمين أو اليسار وفق قوله)، مذكرّا بذلك، بل مواصلا لنهج «التوافق» (بين الشيخين) وكذلك (وهذا الأهمّ) زارعًا أسفينا بين النهضة وشقّ مرزوق، دون أن ينسى التدليل على أصول الحركة (أي حركة نداء تونس) من خلال آية من القرآن الكريم، ليضع نفسه ونداء تونس ضمن «تأصيل قرآني» (وسطي) لا يترك للنهضة وحدها حريّة التحرّك ضمن «الملعب» (الديني)….

من الأكيد أنّ الباجي بهذا الظهور أراد أن يقف أمام كلّ المشاهدين وكلّ السامعين وكلّ المراقبين، ليجيب بالفعل وليس بالقول على الاعتداء الارهابي على «أبنائه» من «الحرس الرئاسي»، حين يأتي «الرمز الرئاسي» مقصد العمليّة (كائن من كان وراءها)، ومن الأكيد أنّ «الإرهاب»، الذي يعنيه الباجي والذي يريد هدم الدولة (حسب قوله)، فهم الرسالة واستوعب الردّ، أوّله أنّ الردّ لا يأتي بالنواح والبكائيات والرثاء، التي افتقدها الخطاب، بل من خلال التأسيس لصورة جديدة للرئيس، أي «الحاكم بأمره»…

قول ورأي وأوامر، وجب تنفيذها، وإن كانت (على قول شرشبيل السنافر) «أخر عمل في حياته»، ليكون «هزم الإرهاب» (وحده) وأذلّ خصوم ابنه (بمفرده) وصنع صورة «الزعيم» الذي يأمر (كمثل بورقيبة) والجميع يطيع…


216 تعليقات

  1. هل هو خطاب الهذيان والتلبس مرة اخرى بمومياء بورقيبة وتوجيهاته المهترئة اصلا في سبعينيات القرن الماضي واسقاطها في 2015 يعني في عصر غير العصر ؟ ام رسالة مشفرة لقائد الشق الآخر من وراء الحجب وليس ستار واحد عرف محزن بيوش ولزهر 250د ومن والاهم واعني تدقيقا كمال اللطيف ربما بعد الضربة الاخيرة التي ذهب ضحيتها بعض من خيرة رجال تونس غدرا (تضاربت الارياح جات الضربة في المراكب) انه لن يتخلى عن العرش. والشعب يمشي يزهز قمة الحgرة. محبة

  2. خطابه خارج عن الموضوع ، عن أزمات البلاد و أولها الاٍرهاب الذي أطاحوا به حكومة الترويكا .
    اذا رئيسنا المفدى سيكون رئيس كل التونسيون و مادام نداء تونس اصبح مشقوق و أراد إصلاح الأحزاب لا الوطن فاليكن كذلك لكن لا ينسى ان الجبهة الشعبية ايضا مشقوقة و المؤتمر من اجل الجمهورية تشق عندو مدة طويلة فاليجمعهم و يصالحهم، و هكذا يصبح الباجي قايد الأحزاب ،

  3. ساقضي عليكم و لو كان ذلك اخر عمل في حياتي…

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي