هل أصبح النادي الافريقي مباحا لمن يدفع؟؟؟؟

3 نوفمبر 2015

بدأت الرياضة (العصر الحديث) «لذّة» من يلعب ونفعًا لصحته، وانتقلت بعد ذلك «لذّة» المتفرجين على المدارج (الذين دفعوا المال مقابل الفرجة)، ثمّ انتقلت «لذّة» المشاهدين عبر الفضائيات، لتتحوّل الرياضة (وكرة القدم على وجه الخصوص) إلى أحد الرهانات الكبرى في الزمن الحديث،

سواء على مستوى «إلهاء الجماهير» وتمكينها من «تفريج عن العنف السيكولوجي» أو «تأطير» هذه الجماهير لأسباب سياسيّة بالأساس، حيث صارت الأنظمة الأكثر ديمقراطيّة إلى الأنظمة الفاشية والقمعيّة، تعتبر هذه اللعبة «شأنًا استراتيجيا»، يتنقّل من أجله الملوك والرؤساء وكذلك القادة والسياسيين، إلى الملاعب ويرتدون أقمصة «الفريق الوطني» ويقفزون فرحا ويضمون اللاعبين، في تجاوز صريح لقواعد البروتوكول، علّهم بذلك يجسّدون في ذهن «المتفرج» تلك الصورة البهيّة عن «اللحمة الوطنيّة»، التي تمثّل الأساس للاستقرار الأنظمة الديمقراطيّة كما القمعيّة….

الحامدي- الافريقي

الحامدي- الافريقي

فهم بورقيبة أهميّة الرياضة منذ فترة الاستعمار، وأكّد عليها واستغلّها عند بناء الدولة، وزاد عليه بن علي بأن اعتبر الفرق الرياضيّة «شأنًا يهمّ القصر» كمثل أيّ وزارة سياديّة، ليكون المرور إلى رئاسة الفرق الكبرى أعلى مرتبة من أيّ وزير أحيانًا، حين يفتح هذا المنصب باب «حصانة» من كلّ ما ينغصّ شؤون الحياة أو «البزنس» كالضرائب أو التعطيل في الإدارة أو التأخير في الديوانة، وغيرها…

بعد 14 جانفي، صار السباق لمن يدفع، ولمن يعد الجماهير بأنّ دنانيره الرنّانة قادرة على العود بالكؤوس الذهبيّة والبطولات القاريّة، لتتحوّل «السوق» إلى «مزاد» مكّن «النكرة» (عن ميدان الرياضة في تونس) سليم الرياحي من تحقيق «قفزة تاريخيّة»، مكنته من تجاوز «العائلة الرياضيّة» (الافريقيّة) إلى «كرسي الرئاسة»، مقابل وعد بالاستثمار الواسع والسريع من أجل الكؤوس والبطولات…

غادر (سي) سليم النادي الافريقي، وها هو (سي) الهاشمي الحامدي يضع اسمه ضمن الراغبين في خطبة هذا النادي العريق، ليس له من رأسمال سوى «سمعته» المتراوحة بين الغناء على المنابر والرقص في الساحات واطلاق الوعود (كالصكوك) دون حساب.

شراسة المعركة وتعدّد الراغبين في «فتح (قصر) قرطاج» تجعل الجميع، يبحث عن أيّ «سلاح» لبلوغ هذا الهدف، ويدفع أكثر ولا يتورّع عن أيّ فعل، حين تعفي «حرارة المعركة» من التفكير (البيزنطي) في «الأبعاد الأخلاقيّة». [الصراع داخل نداء تونس نموذجا]…

فشل سليم الرياحي في أن يجعل من النادي الافريقي، وخصوًصا جماهيره، رصيدا (بشريّا) يحوله إلى رصيد «انتخابي» (عند الحاجة)، حين وجب عليه مغادرة الفريق والبحث عن سبل أخرى للنوم في سرير رئيس الجمهوريّة…

الهاشمي الحامدي، يرسّخ هذه «العادة»، بأن يكون «أصحاب الكاريزما» (السياسيّة) والمال (ربّما) في أولويّة تسبق غيرهم، خاصّة وأنّ «العائلة الرياضيّة» للنادي الافريقي، تملك من الشخصيات «المناضلة» (الحديث هنا عن النضال الكروي لا غير) من تستطيع أن ترى في نفسها بحكم «هذا الماضي» أهليّة لقيادة هذا الفريق العريق وأحد أهمّ الواجهات الكرويّة في تونس على الإطلاق…

هل حسابات «النضال» (الكروي) أقوى وأشدّ «حجّة» لدى «العائلة الرياضيّة» من «الكاريزما السياسيّة» وكذلك «الوعود بمال وفير»؟؟؟؟

رجوعًا إلى الماضي يمكن الجزم أنّ (سي) سليم ما كان ليتزّوج الافريقي سوى حين وجد من بها «أيتامًا» قبلوا به «زوج أمّ»، من باب «الطمع» (الحلال) بأن يصيبهم من عطاياه بعضه [برهان بسيّن شاهدًا] وكذلك (السبب الظاهر) أن ينافس الافريقي أرقى الفرق العالميّة.

هل تعَلّم هؤلاء «الدرس» وفهموا أنّ «الدنانير الرنّانة» كما «الوعود الخلابّة» أو «الخطابات الجوفاء»، عاجزة (بمفردها) على الأقلّ، أن تؤسّس لفريق يحصد الألقاب والنجاحات…

دخلت تونس فترة «الرئاسة لصاحب الوعود الأوفر» لذلك، علينا أن نترقب «حملات رئاسيّة» (نسبة إلى رئاسة الافريقي) شبيهة بالحملات الرئاسيّة (نسبة إلى رئاسة البلاد)، حين اعتاد «العمق الشعبي»، كما سيعتاد «العمق الرياضي»، من رهط (ربّما) أنّ النادي الافريقي سيقتني الاعب الأغلى في العالم «ميسي» أو «رونالدو» وأنّ أجور اللاعبين ستكون في مستوى بطولة كرة السلّة الأمريكيّة… من كذب في السياسة سيكذب في الكرة لا محالة…

نسي الجميع (أو تناسى) أنّ جماهير كرة القدم، مثلت «الثورة» على بوليس بن علي قبل اندلاع أحداث 17 ديسمبر، ومن ثمّة تأتي على المستوى السيكولوجي أقرب إلى قلب الطاولة من الاستكانة، وقد أثبت جمهور الافريقي أنّه من طلائع هذه «الثورة الكرويّة»، كما أثبتت جماهير الكرة في تونس، أنّها سهلة الاقناع بالوعود الرنّانة والخطابات الجوفاء، إلاّ أنّها الأقرب والأسرع إلى «الثورة» وربّما «الثورة» حين تنعدم النتائج ويتبيّن الوهم…

البنوك قادرة على «ابتلاع» الصكوك بدون رصيد والشعب قادر على «ابتلاع» الوعود الانتخابيّة بدون رصيد، إلاّ جمهور كرة القدم، يريد الرصيد قبل الصكوك والنتائج قبل القول، لذلك على شاكلة «مات الملك، عاش الملك»، نسمع صيحة جماهير الافريقي :«رحل سليم، جاء [……]»

كلّ يملأ الفراغ بما عنده من تسريبات…


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي