30 نوفمبر 2015

 

Photo 34

«لا يسلم شرف البصل من الأذى حتّى يريق الدموع على الخدود النضرة»، هكذا بدأت البصلة قولها، وأنّها من أشرف ما أكل بني البشر قاطبة، بل أضافت وهي مستكبرة: «كيف للطعام أن يكون بدون طعمنا؟»، أجابتها بصلة في الحين: «أيّ شرف ونحن تحت السكّين نَبْكي قبل أن نُبْكِيَ؟ وأيّ قيمة ونحن في القدر نكتوي؟ وأيّ شرف ونحن على الموائد طعامًا؟ وأيّ شرف ونحن في بطون لا تلوي بنا؟». حينها جاء في الخاطر سؤال ليس عمّن رحل من البصل إلى بطون لا قرار لها، بل من عاد إلى الأرض يغرس رأسه؟ هل هو أغلى ما يطبخ الانسان، أم أقسام مقدّرة بحسب القِدْرِ والقَدَرِ… على هذه الأقوال عاشت بصلة، كمثل فتاة تترقّب عريسها وحفل الزفاف والفرح الدائم. إذا كان البصل للشكوى واصل، فأصل الوصل في القدر أو على الموائد. ذلك قَدَرٌ لا تبديل له أو هو قِدْرٌ لا تغيير مهما تبدّلت الأمم.

«هكذا هي الدنيا» صدح بها الغناء، بل اعتبرها البشر من أصول الدرر، حين لا فرحة تدوم أبدًا ولا حزن بالدنيا يخلّد. لنا في البصل خير مثلٍ، يبكينا من أجل لذّة ونفع غير منقطع. للبشر كمثل البصل أجل، لكن من ذا الذي يتناول البشر؟ البشر يتناول البشر، حين لا وجود لأعتى من البشر، حين التراوح بين طيبة خالصة، وأحيانًا شرّا أو هو تدمير غير منتظرِ.

من كان اليوم بصلا في عين غيره، سيأتي يومًا يصير بصلا من أكل البصل…

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي