23 ديسمبر 2015

Photo 57«مَنْ مِنَ الأعراب أباد الخضرة وجعل الصحراء سيّدة الفيافي الشاسعة؟»

«مَنْ مِنَ الأصحاب أنشأ الخضرة وجعل البساتين سادة الآفاق المترامية؟»

بين هذا السؤال وذاك، سفر التكوين وما زاد أرديناه سؤالاً عن علاقة الحنّاء بأطراف المعركة، وما أفتى به الدهقان وما قالت الأطراف أنّه قلب المعادلة. سؤال للذكرى وتساؤلات للذاكرة، عمّن أباح الخراب نعمة وزاد عمّن أعلن قعود القيامة المائلة، وراح يؤذّن في السّراب أنّه الحقيقة، بل كلّ الحقائق الواهمة، وما هو الزرع حين بذرنا، وما هي الأبعاد من عرشنا، وما هي الأنباء عن الانقلابات وما حمل السيّارة عن ثوراتنا، وما حفظنا عن الأوّلين وما حافظنا من عروشنا، وما قدّمنا من شراب وما تقادم من شرورنا، وما حصدنا من أوتار لا غناء لها، وما حاصرنا من ضياع أباحها الرضع من ساداتنا، وما جلبنا من بلاد الضّباب وما زاد عن جحيم معسكراتنا، وما أفتى به السكارى عن الحلال من خمورنا.

تلك أسئلة لها صدى وأصداء الأدغال لا ذكرى لها، بل غمغمات على أطراف المعارك، وما فاض حسبناه مع الميمنة، بل قالت الأعراب أنّها الساق وفي فتوى أخرى أنّها الميسرة. كذلك كانت الجيوش، تتقدّم إلى خلف الصفوف المتخفية، علّها تصيب من الغاب غباءً، تداري به ما فقدت من ذكائها، أو تتسلّق النخيل تزلّفًا، أو تبكي الدهر وتنسى ما تقدّم، أو تُراجع الزنّار على طرف حزام، علّ الأنوار تقدّر مَنْ تراجع. تكابر به حين غفلة ممّن نصّبهم الدهقان سادة المناسبة، بل قالوا أنّهم نبتوا مع الأشجار ولهم في الأرض جذور ضاربة.

«أيتها القبائل العابرة، لا خوف على زرع في نفوسها نبت، نداري به ما كان من غاباتنا»، تلك صرخة صارت شعارًا، خاطها الصبيان على قمصان لا وجود لها، بل قالوا كانت هنا عند القيامة، أو عرّجت على أطراف أشجارنا…


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي