اغتيال المرزوقي: حقيقة تستهلك الوهم، أم وهم يلتهم الحقيقة؟؟؟

24 نوفمبر 2015

أمام حوادث الاغتيال، أو محاولة الاغتيال أو حتّى التخطيط للاغتيال، سواء الاثباتات القائمة (أو بالأحرى المقدّمة) أو الأقوال المتداولة، لا يمكن للعقل (الصحفي) سوى البقاء عند المعلومات المجرّدة، والتعامل معها من زاويتين:


أوّلا: البحث في جملة المعلومات المتوفرّة أو المقدمّة على درجاتها، بين ما تعلنه الجهات الرسميّة أو يقدمه المعني أو المعنيون (أصالة أو نيابة) وبين ما يتم تسويقه من هذا وذاك، سواء عن معرفة أو سذاجة أو محاولة اللعب على الأعصاب أو حتّى خلط الأوراق.
ثانيا: البحث في علاقة هذا «التبليغ» بما تعيشه الساحة السياسيّة من توتّر أمني أكيد، ومن ارتفاع حدة الصراع السياسي، وتبعات الأمر على الوضعين الاجتماعي وكذلك الاقتصادي، حين عادت الاضرابات لتشكّل القاعدة وليس الاستثناء…

السؤال الأوّل:
ما الذي دعا الجهة الأمنيّة التي قصدت محمّد المنصف المرزوقي إلى ابلاغه مباشرة، والحال أنّ اجراءات التعامل المعتادة تقتضي قنوات أخرى سواء للاتصال العادي أو التبليغ (الرسمي أو غير الرسمي)؟؟؟
السؤال الثاني:
ما الذي دعا هذه الجهة إلى طلب الامضاء على «التبليغ» والحال أنّ الاجراءات المعمول بها عادة، تتجاوز هذه الشكليات الشبيهة بما يجري في الإدارات الصغرى ذات المسؤوليات المحدودة؟
السؤال الثالث:
ما الذي دعا الجهة التي نظمت المؤتمر الصحفي (في مقرّ حزب المؤتمر) إلى القول بإمكانية «المؤامرة» وربطت بين هذا التبليغ وسابق ما جرى في تونس، وكذلك وهذا الخطر أنّ المرزوقي مقصود في ذاته، على أساس أنّه لا يزال في الآن ذاته يمثّل وزنًا (سياسيّا) في البلاد وكذلك أحد «البدلاء» على دكّة «الاحتياط السياسي» للسباق نحو «عرش قرطاج»؟؟؟
السؤال الرابع:
إلى أيّ حدّ يمكن الفصل أو القول بالتداخل، بين البعد الإرهابي الأكيد والغموض الحاص بشأن «المافيات المسلّحة» [التعبير لمحسن مرزوق في حوار مع جريدة «الخبر» الجزائريّة]، حين لا يمكن البتّة أن نتخيّل لحظة أنّ الجهة الأمنيّة التي قصدت المرزوقي تتحرّك من «فراغ»… أكيد ومن المفروغ منه، أنّها أسّست قرارها على مؤشرات ودلالات وقرائن وربّما أدلّة أكيدة، وهل هذه المؤشّرات والدلالات والقرائن والأدلّة، من انجازها أم ثمرة تعاون مع جهة داخليّة؟؟؟
السؤال الخامس:
ما هي القراءة الأمنيّة/السياسيّة (والمقصود هنا محمّد ناجم الغرسلي شخصيا) التي ستنتج عن هذا «التحرّك الميداني» لجهة أمنيّة (ربّما) خالفت الأعراف والتقاليد المعمول بها، وراحت إلى شخص الرئيس السابق تخبره بالتهديدات وتطلب منه الامضاء؟؟؟

مرزوقي

مرزوقي

من الأكيد وما لا يقبل الجدل، أنّ طلب امضاء المرزوقي على وثيقة التبليغ أهمّ من التبليغ ذاتها، حين يبدو أنّ هذه الجهة الأمنيّة «فاهمة الطُرْح السياسي» (في البلاد) وتريد أن تُخلي ذمّتها، ومن ثمّة تبتعد عن مواطن الشبهات (في حال وقع ما لا يحمد عقباه)،
لنسأل:
هل فهم هذه الجهة الأمنيّة وقراءتها للمشهد السياسي وتقاطعه مع الملفّ الأمني والارهابي خاصّة، ينبني على مؤشرات ودلالات وقرائن وربّما أدلّة (سياسيّة وفي علاقة مع العنف «غير الارهابي»)؟؟؟ أم في الأمر كما في عادة العديد في هذه البلاد، مجرّد العمل بقاعدة «خاطي خوك»، أي الابتعاد عن «الشرّ» ومن ثمّة «الغناء له»؟؟؟؟

يمكن الجزم دون أدنى تأكيد أنّ الجهة الأمنيّة التي قصدت منزل المرزوقي، قد خلطت الأوراق على المستوى الأمني وبعثرت المشهد على المستوى السياسي، وزادت المشهد الاعلامي (وهنا الأخطر) ضبابيّة. من الأكيد أنّ هذه الجهة الأمنيّة تملك «غريزة أمنيّة متطوّرة»، لكنّها غير معنيّة (مباشرة) بالشأن السياسي، وغير معنيّة (مباشرة مرتين) بالواقع الاعلامي. كلّ ما في الأمر، محاولة «ابراء ذمّة» وكذلك (وهنا الأهميّة بل الخطورة) «الارتقاء فوق المشهد السياسي بكلّ شبهاته»…

التبليغ يأتي قرار سياسي بامتياز سواء وعت هذه الجهة الأمنيّة ذلك أم لم تع، وكذلك وجب التأكيد أنّ القرار الأمني/السياسي (وزير الداخليّة) منذ استقلال إلى يوم الناس هذا، يرفض ويكره أن يتخذ القرار الأمني خطوة سياسيّة مهما كانت هيّنة، فما بالك بتبليغ رئيس دولة سابق بوجود مخاطر ارهابيّة تتهدّده…

كرة النار الأولى: الأن في مرمى القرار السياسي الأوّل أيّ رئاسة الجمهوريّة، التي عليها ابداء موقف، أوّلا وثانيا اتّخاذ قرار، في الموضوع، علمًا وأنّ الصمت سيكون أسوأ المواقف على الاطلاق.
كرة النار الثانية: الآن في مرمى محمّد ناجم الغرسلي، الذي عليه قراءة هذا التصرّف ضمن مجمل التقرير الذي أنجزته «مجموعة الأزمات» عن واقع قوى الأمن الداخلي، وما أشار إليه التقرير من هنّات ونقاط ضعف على مستوى ترابط الوحدات ببعضها البعض [اضغط هنا للحصول على التقرير]
كرة النار الثالثة: الآن في مرمى «جماعة المرزوقي» حين ارتفعت عقيرة الجميع بالصراخ، بل من يصرخ أكثر، ربّما ليبلغ الصراخ مسامع المرزوقي، ويقرّر درجة القرابة (السياسيّة) بقوّة الصراخ وارتفاع الصوت.

كرة النار الكبرى: الآن في مرمى هذا الشعب المغبون الذي بقي كمثل الكرة بين السيقان.


2 تعليقات

  1. “الغموض الخاص” وليس”الحاص”

  2. التبليغ يأتي “قرارا سياسيا” وليس “قرار سياسي”.

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي