جسر وكلمات

13 نوفمبر 2015

Photo 19 V2
«قطر الندى اعتذر وقطر الشذى ارتفع، وما بينهما مرج هذا البحر وذاك، لا يلتقيان أبدًا، أو تقابلا خلسة على حواشي الذاكرة»، جاء الصوت من وراء الضباب في بلاد الأنواء الماكثة.
«هي قطرات، لا أصل لها، ولا جدر بين القطرات العَطِرَة، بل ممّا هاجر من بلاد الأنواء الملوّثة»، هكذا ردّ أعرابي، لا يعشق سوى صحراء ربّعها خال من كلّ القطرات الرائعة، وراح يؤسّس لبخار يهزّ الأنواء إلى أصلها. تعالت الأصوات بين حزب الندى وحزب البخار على ضفاف البحيرة المائلة، وراح الحادي يؤلّف من الموج أغان لا عماد لها. التقى الشيخان في عاصمة النور المظلمة وراحا في نقاش عن أسبقية الندى أم البخار في سِفر التكوين وما وقر في الأنفس من إيمان العجائز والخرفان المارقة.
«هو ذا البحر الذي منه الندى الذي به نهيم وبه البخار الذي اكتوينا بأطراف أشواقه الحارقة»، جاءت الكلمات في ذات شتاء، بل قيل ربيع هو إلى حين قراءة الكفّ وضرب الأقداح في فنادق لا عماد لها. اهتزّت الأنواء في سمائها وراحت الشموس إلى مهدها، تسأل الزنّار عن أقداحه، وتراسل الأقدار على رسلها.
هو ذا التاريخ حين استوى، ارتاحت الجغرافيا من همّها. من الماء جئنا وإلى عهدنا، نراود الصحاري البعيد النائية. ذلك ما شاءت الأقدار من دهرنا، وما شئنا على أطراف عهدنا. نراوح الكلمات حين نلاقيها ونهجرها إلى قطر من صحارينا العامرة.


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي